وفي الصحيح عن ابن المسيب عن أبيه قال: ( لما حضرت أبا طالب الوفاة جاءه رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده عبد الله بن أبي أمية وأبو جهل، فقال له: ( يا عم، قل: لا إله إلا الله، كلمة أحاج لك بها عند الله) ، فقالا له: أترغب عن ملة عبد المطلب؟ فأعاد عليه النبي صلى الله عليه وسلم، فأعادا ، فكان آخر ما قال : هو على ملة عبد المطلب وأبى أن يقول: لا إله إلا الله. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( لأستغفرن لك ما لم أنه عنك) ، فأنزل الله عز وجل( ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ) الآية. وأنزل الله في أبي طالب: ( إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء ) .
فيه مسائل :
الأولى : تفسير قوله: ( إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء ) .
الثانية : تفسير قوله : ( ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ) الآية.
الثالثة : وهي المسألة الكبرى – تفسير قوله صلى الله عليه وسلم: ( قل: لا إله إلا الله) بخلاف ما عليه من يدعي العلم.
الرابعة : أن أبا جهل ومن معه يعرفون مراد النبي صلى الله عليه وسلم إذ قال للرجل: ( قل لا إله إلا الله ). فقبح الله من أبو جهل أعلم منه بأصل الإسلام.
الخامسة : جدّه صلى الله عليه وسلم ومبالغته في إسلام عمه.
السادسة : الرد على من زعم إسلام عبد المطلب وأسلافه.
السابعة : كونه صلى الله عليه وسلم استغفر له فلم يغفر له، بل نهي عن ذلك.
الثامنة : مضرة أصحاب السوء على الإنسان.
التاسعة : مضرة تعظيم الأسلاف والأكابر.
العاشرة : الشبهة للمبطلين في ذلك، لاستدلال أبي جهل بذلك.
الحادية عشرة : الشاهد لكون الأعمال بالخواتيم، لأنه لو قالها لنفعته.
الثانية عشرة : التأمل في كبر هذه الشبهة في قلوب الضالين، لأن في القصة أنهم لم يجادلوه إلا بها، مع مبالغته صلى الله عليه وسلم وتكريره، فلأجل عظمتها ووضوحها عندهم، اقتصروا عليها.